قناص الجزائر نائب مدير
رقم العضوية : 2 عدد الرسائل : 3933 العمر : 38 نقاط : 8141 تاريخ التسجيل : 24/06/2008
| موضوع: الشكل بين المسرح والسينما الإثنين 14 يوليو 2008 - 3:09 | |
| الشكل بين المسرح والسينما
رغم مرور عقدين ومئة سنة على ظهور الفن السابع- السينما إلا ان جدلية الشكل والتكوين مازالت قائمة بينها وبين المسرح ، فالمسرح الذي ظل ولقرون عديدة يتقدم الفنون والادب باعتباره الجنس الوحيد الذي استطاع تحويل مادته المكتوبة الى مشاهد تمثيلية، اعاد صياغة الوقائع والاحداث التاريخية والاجتماعية في قالب درامي، كما قيض له ان يقود الفنون الجميلة- الرسم والنحت- لتصبح فنوناً ملحقة ومكملة . ان ذلك التاريخ رغم توهجه بدأ يخبو بعد ظهور السينما ومحاولاتها الجادة لتأصيل وجودها كفن سابع له خواصه وفلسفته ومنظوراته الجمالية والفكرية. ومع تنامي الفن الجديد ظهرت محاولات جادة من دعاة المسرح ورواده للابقاء على شكل وتكوين المسرح وايقاف انجراره وراء السينما، باعتبار السينما فناً مستقلاً لا رابط بينه وبين التقاليد المسرحية الاصيلة، وكان من الطبيعي ان تظهر محاولات عملية من المسرحيين الذين تأثروا بالسينما . واولى المحاولات بدأت من المخرج المسرحي - روبيرت هودان- وميليه- من أجل دفع السينما الى طريقها المسرحي - المشهدي- وقد اخفقت التجربة فلم تتمكن من خلق الامتزاج! < في عام 1900 حاول - كليمان مورس- خلق مبادرة رائدة بالدخول الى عالم - وليم شكسبير - الصعب عندما دفع بمسرحية- هاملت - الى السينما مستغلاً الفنانة - سارة برنارد- وهي تقوم بدور- هاملت- وخاصة المشهد الاخير والعنيف الذي يمثل ذروة النص خلال تغطيته للدراما الشكسبيرية- التراجيدية والدموية- الا ان النص فشل فلم يخرج عن كونه عملاً مسرحياً مسجلاً للسينما، بعده قام المخرج - ميركانتون- باخراج مسرحية - الملكة اليزابيث- لاميل موروا بعد ان استهوته الميلودراما التي مثلتها الاسطورة، ولم يكن أمام - كانتون- لتلافي تلك المشكلة إلا إدخال عدد من الحركات الايمائية- البانتومايم. ثم استمر المخرجون السينمائيون في محاولاتهم لتطويع المسرح فدفعوا بمسرحيات (روميو وجوليت - وريتشارد الثالث وماكبث من اخراج- امبروزيو- والملك لير من اخراج لويجي ماغي- وهاملت من اخراج - لورنس أوليفيه - وانطوني وكليوباترا من اخراج- غبريال باسكال- وعطيل من اخراج اوريسون ويلز- وترويض النمرة من اخراج- سام تايلر الا انها فشلت فلم تستطع الانسلاخ عن المسرح كما ظل النقاد يلاحظون في الافلام المطروحة نمطاً من الاخراج وتغرباً في المكان ظهرا اكثر نضوجاً ووضوحاً في ( عرس الدم) - ماكبث - لكيروساوا وهاملت لبوندارتشوك وروميو وجوليت لزيفريللي. ان فشل تلك الافلام وباستثناء الثلاثة الاخيرة يرجع الى تقديمها القصة على طريقة المسرحية الاصيلة اي أنها تختلف عن طريقة نقل الصورة الفوتوغرافية للمسرحية. وان المسرحي مسموح له بقدر من التجاوز الشعري عندما يتناول في عمله شخصية تاريخية مثل- كليوباترا او جان دارك- لكي تنجح المسرحية في اعدادها للسينما فلا بد لها من التنازل عن وحدتها المميزة خلال توسعها باتجاه الضخامة الملحمية، وهو اتجاه يجعل المسرحية مشابهة للقالب الروائي بسبب زيادة عدد المشاهد وتنوعها. ان الافلام السينمائية في حقيقتها ليست تسجيلاً للمسرحيات لأن وحدة البناء الرئيسية في المسرح تتجدد بالمشهد وبكمية الزمن الدرامي الذي ينصرم خلاله ليوازي تقريباً طول الزمن الذي يستغرقه الأداء اذا ما طال عرض المسرحية، الا انها تبقى حبيسة الستارة والمكان، ورغم تفاوت طبيعة المسرحيات التي تقدم في الهواء الطلق كما هي في العروض الدينية الخاصة، مثل (بن غور والمسرح). أما وحدة البناء الاساسية في السينما والمتمثلة باللقطة فإنها تستطيع اطالة الزمن او تقصيره لأنها محددة بعدة ثوان، اما جوهر المسرح فيتحدد وجوده موضعياً لأن كل شيء يحدث يكون داخل صندوق صغير مضاء اضاءة صناعية، في وقت يكون جوهر السينما مغايرا لأن امامها العالم بأسره تتجول فيه كما تشاء!!. < يقول - فنسنت كانبي (أن كل كتاب المسرح الجادين يلتزمون بخلق نوع من الادب المسرحي القائم بذاته والذي لايمكن تحويله الى السينما دون تغير الفن الخاص بالعمل الاصلي ).. ان كانبي يبدو لنا غير عملي من جانب واحد هو التكوين الذي يقوم عليه ( الاداء التمثيلي والالقاء) وهي القواعد الثابتة فيه الا ان التغيرات الواقعة على مسرح الصورة قد جعلت من الممكن تجاوزها لاعتماد المسرح اليوم على الحركة والصورة وهو ما طغى الآن على مسرح - مادلين رينو- وبايروث والمسارح البولونية - اذ تبدو الاعمال المسرحية مثل - اصطياد الشمس- لشافيز- وراشامون والعذراء والموت... اكثر اقتراباً من السينما في حين تظل السينما بعيدة عن ان تكون فناً ملحقاً بالمسرح لأن لها فلسفتها الجمالية وادواتها وللمخرج فيها فلسفته واخراجه ورؤيته. اما لماذا يبقى تحويل المسرح الى السينما قاصراً فهو بسبب اسلوب العرض وقصور الرؤية التخيلية في الصورة وهو ما يجعل فشل الفيلم السينمائي محتملاً لأن المتفرج وحتى العادي لايمكن له الاستمرار دون حركة... فالسينما لا تنفي ما استحصلت عليه واستفادته من المسرح الا انها لايمكن ان تكون فناً تكميلياً لأن للمسرح خواصه ولغته، فالسينما ليست في كل دقائق صفاتها فناً درامياً لأنها تشبه الموسيقا والرقص ولأن نسبة مافيها من دراما لاتفوق ما في الرواية من دراما وإلّا من يفكر بما في روايات دستويفسكي وأندريه مالرو وبلزك من روح درامية وكيف فشلت بعض مسرحيات ( كورني - وراسين) عندما تحولت الى افلام رديئة!. ان الفيلم كالدراما فن مؤقت وفن فراغي لأن اغلب الحبكات الدرامية في المسرح تشتمل على صراع واضح ومحدد بين البطل والشخصية المضادة وهو مانراه في مسرحية- انتيغونا وكوريون- ومسرحية - عربة اسمها الرغبة- التي اخرجها - ايليا كازان - للسينما. ولكن من الملاحظ ان الكثير من المسرحيات قد لا تلتزم بالنص- الارسطي- اما في السينما فإن وسيلة البناء الدرامية او الارسطية تكون واحدة بسبب المرونة في المكان والزمن مثلما ظهر ذلك في فيلم - الكلب الاندلسي . أما المجددون السينمائيون الذين اشار لهم - اوزفيك بدءاً من غريفت وحتى انجمار برجمان- فلم يحاولوا تقليد المسرح إنما حاولوا التوصل الى ما يستطيع المسرح القيام به والاستفادة منهم كمخرجين سينمائيين في وقت رأى - اناتول فرانس وبول فاليري وجي ويلز- السينما مجموعة من الاحلام التي ترجمت افكارهم في حين رفض- دوهايمل وبرناردشو- السينما كوجود اما - اندريه بازان- فاعتبر السينما شأنها شأن الشعر لايمكن اعتبارها عنصراً منفرداً او معزولاً انما بالامكان جمعها على شريط واحد ! ان الافلام السينمائية بتأكيدها على الحركة والصورة تتفوق في مسألة خلق واقع بصري بشكل واقعي بينما المسرح الذي تكمن قوته في عالم التفكير والتأمل يخلق واقعاً متخيلاً بشكل مجازي فالسينما كما ترى -جيانا كاريس- ليست حصراً اداة بصرية ولا المسرح اداة كلامية لأن السينما مثل المسرح توجه الى لغة الحوار اهمية اقل مما توجهه الرواية، اما الحوار الجوهري الذي يجري في اطار مشهد محدد فهو موضوع لا يمكن وضع قواعد عامة له لأنه ذو بعد درامي ينفصل فجأة عن كل شيء. الكون والحرية والحركة التمثيلية هنا لا تخدم الحوار لأنها تكرر ما يقوله كاتب المسرحية لأن التمثيل المنظور عليه ان يقدم الموضوع بطريقة غير ميسورة للأدب فيتحقق هنا واحد من الشروط اللازمة لربط الوسائل، وكما يفعل المسرحي يفعل السينمائي فه و يرتب الاشياء ضمن فراغ محدد ثلاثي الابعاد ما ان يتم حتى يتحول الى صورة ذات بعدين ، لأن الفراغ في السينما ليس ما يشغله جمهور المتفرجين. فالصورة هي وحدها التي تتواجد في نفس الرقعة الفيزيائية مثل صورة معلقة في معرض للصور ، ان ميراث السينما يجعل - الميزانسين- السينمائي في الوقت نفسه تعبيراً عن فكرة درامية يتحكم بها الزمن من خلال فتحة المسرح التي تحد رقعة الاداء وكأنها صورة ، مهما كانت حدود المسرح لأن الميزانسين دائماً ثلاثي الابعاد يعمل على تنسيق العناصر الداخلة في الانتاج المسرحي ضمن فراغ محدد هو المسرح، أما الابعاد الثلاثة فهي الاشياء والاشخاص التي يتم ترتيبها في الفراغ الحقيقي الذي يمتلك عمقاً اضافة للارتفاع والعرض، كما ان الفراغ هو ايضاً امتداد لقاعة المتفرجين ، اما الميزانسين في السينما فيكون أكثر تعقيداً عندما يمثل التحاماً غريباً للمألوفات المرئية في المسرح والفنون التشكيلية. إن اللغة المقارنة غير المتناهية لا يمكنها تحديد الخواص المشتركة بين السينما والمسرح، لأن المسرح بسبب الحوار والبطء ووجود الممثلين هو اقدر على التعبير عن العواطف والافكار في وقت تعتمد السينما في تعبيراتها عن المشاعر المحسوسة مثل حركة الاصابع وارتعاشات الوجه مثلما ظهرت- ليليان جيش - في فيلم - التعصب- اول بواكير السينما الصامتة. ان عملية العرض والمقارنة لن تكون ذات بعد عملي وهو ما يكمن في التجربة العملية لأن المجال الروائي المنظور في السينما يمكنه ان يعمق المشاعر ويخلق الطقس الطبيعي الا إن التفاوت يبدو ظاهراً لأن بعض النصوص معدة اصلاً للسينما من خلال السيناريو، كما ان المجال المسرحي ليس قاصراً فيه لأن التكنولوجيا الحديثة وتطور الفنون وظهور المسارح الدوارة وشبكة الاضواء والمؤثرات بعد ظهور- الكمبيوتر- قد غيرت الكثير من الثوابت في السينما والمسرح ، ونعتقد بأن مسرح الصورة سيكون الاسبق فهو ما سيجعله اسبق في الارتقاء وتذليل الاصالة في اداء الممثلين من خلال المؤثرات. ان مثل هذا الدور كان قائماً منذ دعوة الفنان- تاركوفسكي - اذ يبدو اكثر اقتراباً من المسرح الحقيقي باصالته وتفرده مجدداً الا ان شيئاً واحدا يبقى في الوسط وهو عصر السرعة لأن الانسان يبحث عن المتعة السريعة وهو ما يرغب فيه عندما سيجد مكانة امام الانترنت ليختصر المسافات ويبحث عن السينما التي تتوالد يومياً اكثر ما يتوالد المسرح!!!.
| |
|
الوفا طبعي مشرفة عامة
رقم العضوية : 83 عدد الرسائل : 2381 نقاط : 3070 تاريخ التسجيل : 11/05/2009
| موضوع: رد: الشكل بين المسرح والسينما السبت 12 سبتمبر 2009 - 13:42 | |
| | |
|
زائر زائر
| موضوع: رد: الشكل بين المسرح والسينما السبت 12 سبتمبر 2009 - 17:25 | |
| |
|
زائر زائر
| موضوع: رد: الشكل بين المسرح والسينما الأحد 13 سبتمبر 2009 - 6:06 | |
| |
|
ام محمد مجلس النواب
رقم العضوية : 193 عدد الرسائل : 757 نقاط : 967 تاريخ التسجيل : 29/10/2009
| موضوع: رد: الشكل بين المسرح والسينما الثلاثاء 10 نوفمبر 2009 - 10:28 | |
| | |
|
زائر زائر
| موضوع: رد: الشكل بين المسرح والسينما السبت 21 نوفمبر 2009 - 11:50 | |
| |
|
منال عضو أستاذ
رقم العضوية : 188 عدد الرسائل : 1155 العمر : 30 نقاط : 1558 تاريخ التسجيل : 24/10/2009
| موضوع: رد: الشكل بين المسرح والسينما الجمعة 25 ديسمبر 2009 - 10:47 | |
| | |
|