سعدان يفضّل الحذر.. واللقب الإفريقي حديث اللاعبين

لقد باتت كأس الأمم الإفريقية من الأهداف المشروعة للاعبين الذين استطاعوا في ظرف قصير من قفز العديد من الحواجز والتأهل إلى نهائيات كأس العالم في ظروف استثنائية جدا، وتمكنوا من نيل تقدير واحترام محبي الكرة في كل بقاع العالم.

وحتى ولو كان الهدف في كأس الأمم مشترك ومتفق عليه بين كل أعضاء المنتخب الوطني، إلا أن ازدواجية الخطاب تطرح بعض التساؤل، بل تدفع للقول أن اللاعبين ومدربيهم لا يتكلمون نفس اللغة. لما كشف رابح سعدان عن قائمة اللاعبين المدعوين للمشاركة في النهائيات كان من الطبيعي أن يطرح عليه السؤال المتعلق بحظوظ المنتخب الوطني في أنغولا، وجاء رد سعدان، الرجل الحذر فوق اللزوم، ليصور منافسي »الخضر« على أنهم من أقوى المنتخبات الإفريقية في رأي المدرب الوطني - وهو الأدرى بالأمور- فقد باتت مالاوي وما أدراك

ما مالاوي منتخبا قادرا على خلق مشاكل للخضر، وأصبح منتخب أنغولا المنظم للدورة منتخب لا يشق له غبار، باعتباره مستضيف النهائيات، أما مالي بقيادة ديارا وكانوتي وسيدو كايتا، فهو فوق الجميع ولا عاقل في المجموعة يحلم بالفوز عليه. ولن نكشف سرا إذا قلنا بأن هذا الكلام يعني بأن المنتخب الوطني لن يستفيد أبدا من احترام البقية بصفته المتأهل إلى نهائيات كأس العالم.

ولا ندري إذا كان الشيخ سعدان يقول حقائق الأمور، أو أنه يطلق مثل هذه التصريحات لتظليل منافسي الخضر، ليبقى السؤال الكبير هو: ما هي نوعية الخطاب الذي سيوّجهه سعدان للاعبيه قبيل السفر إلى أنغولا، وهل سيستمر في القول أن المنتخبات الثلاثة تملك أفضلية عن الخضر؟. وبالنظر إلى ما يقوله بعض اللاعبين المنتشين بالتأهل إلى كأس العالم- وهذا من حقهم- فإن الخلاف

واضح وبارز بينهم وبين مدربهم لأنهم أبدوا تصميما على استغلال الدرجة التي بلغوها وروح الفوز التي توّلدت لديهم في التصفيات لفرض منطقهم في مجموعة تعتبر في متناولهم. ولم يتردد اللاعب مجيد بوقرة في القول أن »الخضر« ذاهبون إلى أنغولا من أجل تحقيق أفضل النتائج غير مبالين بما يقال عن خصومهم، ونفس التصريح صدر عن لاعب ناشيونل ماديرا رفيق حليش الذي قال أن المنتخب الوطني سيشارك في دورة أنغولا من أجل فرض منطقه على منافسيه. أما مدافع بورتسموث نذير بلحاج، فلم يخرج عن رأي زملائه وسار في نفس الإتجاه وعبّر عن رغبة قوية في أن يكون للخضر الكلمة الأخيرة في المجموعة الأولى. ويبدو أن اللاعبين يعرفون جيدا أن الهيبة التي اكتسبوها بعد تأهلهم إلى نهائيات كأس العالم، ستجعلهم يدخلون كأس أمم إفريقيا من موقع قوة، وبالتالي لا يمكنهم أن يدخلوا في حسابات على الورق وإعطاء منافسيهم الثلاثة أكثر مما يستحقون،

وكلاعبين محترفين فإنهم يدركون دقة الأشياء ويعرفون تقدير الحقائق ربما أكثر من غيرهم.

ومهما يكن من أمر، فإن الأصح هو أن يكون الخطاب موحدا بين اللاعبين ومدربهم لا سيما قبل منافسة هامة هي نهائيات كأس الأمم الإفريقية. وللأمانة يجب القول أن المدرب رابح سعدان بقي وفيا لطبائعه فهو يبالغ في الحذر كعادته. والتجربة تقول أن سعدان يخشى من سيناريو 1986 لما شارك المنتخب الوطني بقيادته في نهائيات مصر، وكان متأهلا إلى كأس العالم لكنه خرج في الدور الأول، أم أنه يريد تحذير اللاعبين من مغبة الوقوع في فخ التساهل؟. أما اللاعبين ولا سيما الذين شاركوا في نهائيات تونس 2004، فهم يدركون أكثر من غيرهم صعوبة المهمة، وقد بينوا بأنهم قادرون على رفع التحدي لما هزموا مصر وفرضوا التعادل على الكامرون وصعدوا إلى الدور الثاني وكذبوا كل التكهنات.

وبدون شك أن المنتخب الوطني سيدخل نهائيات أنغولا من موقع قوة، فهو منتخب جديد يملك لاعبين محترفين تمكنوا من صنع الفارق في التصفيات، زيادة على أن المدرب رابح سعدان يكون قد حفظ الدرس من تجربة قاسية عاشها عام 1986 وهو ما سيجعله هذه المرة يتعامل بواقعية مع الموضوع حتى لا يمر الخضر جانبا في نهائيات أنغولا، وهو الأمر الذي بات يؤرق المدرب الوطني، وهذه حقيقة لا يمكن تجاوزها.