ترفع مصر حامل اللقب في النسختين الأخيرتين شعار الثأر عندما تلاقي نظيرتها الجزائر الساعية إلى تأكيد تفوقها على الفراعنة، في دربي شمال أفريقيا الساخن بين المنتخبين غداً الخميس على ملعب "أومباكا ستاديوم" في بنغيلا ضمن الدور نصف النهائي للنسخة السابعة والعشرين لنهائيات كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم المقامة في أنغولا حتى الأحد المقبل.
وهي المرة الثانية التي يلتقي فيها المنتخبان خارج قواعدهما في شهرين بعد الأولى في السودان في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي في المباراة الفاصلة بينهما من أجل التأهل إلى نهائيات كأس العالم والتي حسمها الجزائريون في صالحهم بهدف نظيف.
كما إنها المرة الثالثة في المدة ذاتها بعد الأولى التي فاز فيها الفراعنة (2-صفر) في الجولة السادسة الأخيرة من التصفيات وفرضوا اللجوء إلى المباراة الفاصلة.
وإذا كانت المواجهتان الأخيرتان شهدتا أحداث شغب قبلها وبعدها وكادت تؤدي إلى القطيعة الدبلوماسية بين البلدين، فإن مواجهة الغد تختلف كليا عن سابقتيها لأنها لن تشهد حضوراً جماهيرياً كبيراً لمشجعي المنتخبين والذي اقتصر حتى الآن على بضعة مئات، فيما تابع المباراة الأولى في القاهرة نحو 80 ألف متفرج، والثانية في السودان نحو 35 ألف متفرج.
وتعذر على مشجعي المنتخبين السفر إلى أنغولا منذ بداية البطولة بالنظر إلى التكلفة الغالية لأسعار التذاكر وأماكن الإقامة في أنغولا وصعوبة الحصول على تأشيرات الدخول إلى العاصمة لواندا بعدما أخذت الخارجية الأنغولية علما بما قامت به جماهير الطرفين من أعمال تخريبية في مواجهتي التصفيات.
وبحسب مصادر مقربة من الطرفين فإن حكومتي البلدين فسحتا في المجال أمام أعداد تتراوح بين 200 و400 متفرج للسفر إلى بنغيلا وحضور مباراة الدور نصف النهائي.
الطرفان يسعيان إلى تصفية الأجواء
واتفق وزيرا خارجية مصر أحمد أبو الغيط والجزائر مراد مدلسي خلال اتصال هاتفي الثلاثاء على "ضرورة التعامل الحكيم" مع المباراة.
كما دعت الجامعة العربية الثلاثاء أيضاً إلى تجاوز أي خلافات بين مصر والجزائر، وقال هشام يوسف مدير مكتب الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى في بيان انه ينبغي "استغلال المباراة المقبلة بين منتخبي مصر والجزائر لتجاوز أي خلافات وإثبات أن أواصر الود والعلاقات التاريخية بين مصر والجزائر أقوى من أن تنال منها أزمة عابرة".
ورحب يوسف "بالتوجهات الإعلامية الهادئة على الجانبين" معرباً عن أمله "في أن يمارس الإعلام دوراً إيجابياً في الأيام المقبلة".
وأكد يوسف أن "النشاطات الرياضية بصفة عامة كانت دائما مناسبة للتقريب بين الشعوب ولا ينبغي أن نكون استثناء على ذلك"، مضيفا أن العالم العربي يواجه أزمات شتى تتطلب التركيز عليها والاهتمام بها وأن توجه لها طاقات الشعوب العربية".
المباراة ما بين الثأر وتأكيد التفوق
وبالعودة إلى الجانب الرياضي من المباراة، فإن طموحات المنتخبين مختلفة لكن الهدف واحد وهو بلوغ المباراة النهائية.
وتعتبر المباراة ثأرية للمنتخب المصري الساعي إلى رد الاعتبار لخسارته أمام الجزائر في المباراة الفاصلة بهدف المدافع عنتر يحيى وتأكيد أن سقوطها أمام ثعالب الصحراء لم يكن سوى مجرد كبوة، فيما تمني الجزائر النفس بالفوز لتأكيد أحقيتها بالفوز على الفراعنة والتأهل إلى المونديال.
واختلف مشوار المنتخبين في البطولة الحالية حيث ضربت مصر بقوة وحققت أربعة انتصارات متتالية بينها فوزان مدويان على نيجيريا والكاميرون بنتيجة واحدة (3-1) علماً بأنها تخلفت (صفر-1) في المباراتين، رافعة رقمها القياسي في السجل الخالي من الخسارة إلى 17 مباراة وتحديداً منذ خسارتها أمام الجزائر بالذات (1-2) في الجولة الثانية من منافسات الدور الأول لنسخة عام 2004 في تونس.
أما الجزائر، فحققت بداية مخيبة بخسارتها المذلة أمام مالاوي (صفر-3) في المباراة الأولى، ثم انتزعت تأهلها بشق النفس بفوز على مالي بهدف وحيد للمدافع رفيق حليش وتعادل سلبي مع أنغولا المضيفة، لكنها أبهرت العالم بعرضها الرائع أمام كوت ديفوار أحد أكبر المرشحين للظفر بالبطولة وتغلبت عليها 3-2 بعد التمديد.
ولن يقتصر ثأر الفراعنة على خسارة المباراة الفاصلة في السودان، بل يتخطاه إلى سعيها الى تحقيق فوزها الأول على الجزائر في الكأس القارية حيث خسرت أمامها ثلاث مرات بنتائج (صفر-3) عام 1984 و(صفر-2) عام 1990 وأخيراً (1-2) 2004 وتعادلا مرة واحدة (2-2) بعد التمديد عام 1980 عندما فازت الجزائر (4-2) بركلات الترجيح.
والتقى المنتخبان حتى الآن 19 مرة، ففازت الجزائر 6 مرات ومصر 5 مرات وتعادلا 8 مرات.
وتأمل مصر في مواصلة انتصاراتها من أجل تحقيق إنجاز غير مسبوق يتمثل في إحراز اللقب الثالث على التوالي والسابع في تاريخها، وهي تملك من الأسلحة ما يكفي لتحقيق ذلك بدءاً من حامي عرينها عصام الحضري الذي دخل مرماه هدفان فقط حتى الآن في البطولة، مروراً بخط الدفاع الأفضل في البطولة حتى الآن بقيادة وائل جمعة ومحمود فتح الله وسيد معوض، وخط الوسط بقيادة القائد أحمد حسن صاحب الأرقام القياسية في البطولة (8 مشاركات و170 مباراة دولية وثلاثة أهداف في صدارة لائحة الهدافين) والساعي مع الحضري إلى اللقب الرابع (1998 و2006 و2008)، وصولاً إلى خط الهجوم بقيادة عماد متعب ومحمد زيدان و"الورقة الرابحة" محمد ناجي "جدو" صاحب ثلاثة أهداف في ثلاث مباريات لعبها بديلاً، وبات يتصدر ومواطنه حسن وفلافيو أمادو (انغولا) وسيدو كيتا (مالي) صدارة لائحة الهدافين.
وأكد المدير الفني حسن شحاتة الساعي بدوره إلى انجاز غير مسبوق وهو إحراز اللقب الثالث على التوالي، أن "المباراة لن تكون سهلة أمام المنتخب الجزائري خصوصاً بعد عرضه الرائع أمام كوت ديفوار"، مضيفاً أنه طلب من لاعبيه "التركيز والهدوء في مباراة الغد، لأن الاندفاع والتهور قد يكلفنا غالياً على غرار ما فعلته الكاميرون أمامنا ونجحنا في إخراجها".
وتابع "سندخل المباراة وكأننا نواجه الجزائر للمرة الأولى في تاريخنا، لن نفكر في الثأر أو رد الاعتبار، هاجسنا الوحيد سيكون تحقيق الفوز لأن هذه المباراة هي جسر عبورنا إلى النهائي وبالتالي الاقتراب أكثر من الاحتفاظ باللقب الثالث على التوالي".
ويبدو أن شحاتة انتبه جيداً لتصريحات لاعبيه التي كانت تحوي مضموناً واحداً وهو الثأر من الجزائر، وكان أكثرها حدة لمهاجم بوروسيا دورتموند الألماني محمد زيدان الذي وصف المواجهة "بالحرب"، وقال: "يجب على الفراعنة الفوز ليؤكدوا أنهم يستحقون المشاركة في كأس العالم، وليس الجزائر".
وأضاف: "ستكون مسألة حياة أو موت، ستكون حرباً بالنسبة للمنتخبين".
وأردف قائلاً: "بالنسبة لنا، إنها فرصة لنظهر للعالم أننا نستحق الذهاب إلى كأس العالم، وإذا نجحنا في التغلب عليهم، سوف يكون بإمكاننا مشاهدة مباريات كأس العالم بكل فخر".
وأكد المدافع الأيسر سيد معوض: "المباراة المقبلة ستكون في الملعب وبعيداً عن أي أحداث شغب، لكننا سنلقن الجزائريين درساً في فنون اللعبة"، مضيفاً: "نرغب في أن نثبت أن عدم تأهلنا إلى المونديال كان بسبب بعض الظروف التي لم تسعفنا".
ولم تخرج تصريحات اللاعبين الجزائريين عن السياق ذاته، وأجمع أغلبهم على ضرورة تحقيق الفوز لتأكيد الأحقية بالتأهل إلى المونديال.
وكان أول المصرحين مهاجم بلاكبول الانكليزي عامر بوعزة الذي قال: "مواجهة المنتخب المصري فرصة رائعة بالنسبة لنا لنفوز عليه ونؤكد أن تغلبنا عليه في السودان لم يكن ضربة حظ"، مضيفاً "فزنا في السودان لاننا اجتهدنا ونملك لاعبين موهوبين، منتخبنا قوي بفضل قوة معنويات لاعبيه وروحهم القتالية".
ولن يكون المنتخب الجزائري لقمة سائغة أمام الفراعنة، فهو بدوره يضم تشكيلة مدججة بالنجوم خصوصا قوته الضاربة خطا الدفاع والوسط وتحديدا في المباريات الأخيرة بقيادة حارس المرمى المتألق فوزي الشاوشي والمدافعين مجيد بوقرة ورفيق حليش ونادر بلحاج وثلاثي خط الوسط يزيد منصوري وحسن يبدا وكريم زياني والمهاجم كريم مطمور، بالإضافة إلى العائد من الإصابة لاعب وسط لاتسيو الإيطالي مراد مغني